نسبه
وصفاته
(عمر بن الخطاب
بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب، وأمه
حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم) (تاريخ اليعقوبي ج1 ص160) .(عمر بن نفيل بن عبد العزى بن رِيَاح بن
عبد الله بن قُرْط بن رزاح بن عدي بن كعب. وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد
الله بن عمر بن مخزوم.) (تاريخ المدينة لابن شبة, باب عمر). لاحظ أن ابن شبة
لايذكراسم الخطاب في النسب بل يقول ( عمر بن نفيل ... الخ) فيبدو أن كلمة (الخطاب)
سقطت من الطبع , أو لاحتمال آخر سيتبين لنا فيما بعد.
اختلف
المؤرخون في نسب أمه (حنتمة) فقال بعضهم أنها ابنة هاشم بن المغيرة وقال آخرون انها
ابنة هشام بن المغيرة وهذا يجعلها أختا لأبي جهل عمرو بن هشام المخزومي.فقد روى
ابن الاثير أن(هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو عبد
الرحمن القرشي المخزومي وهو أخو أبي جهل لأبويه وابن عم خالد بن الوليد وابن عم
حنتمة أم عمر بن الخطاب على الصحيح وقيل أخوها) (
اسد الغابة لابن الاثير, ج2 ترجمة هشام).
إن
نسب حنتمة أم عمر غير متفق عليه عند المؤرخين فهم يخلطون بين كون أبيها هاشم
أوهشاما, لكنهم أتفقوا على أنها من بني مخزوم. كان لبني مخزوم شرف رفيع في قريش
لغناهم وكثرتهم ولقبت قبيلة قريش الوليد بن المغيرة المخزومي بريحانة قريش, وكان
الوليد يسمى كذلك بالعدل لأن قريش كانت تدفع حلي الكعبة مجتمعة في سنة وفي السنة
التي تليها كان الوليد بن المغيرة يتولى كسوة الكعبة لوحده فسمي بذلك فهو عدل قريش
مجتمعة. والوليد بن المغيرة المخزومي هو
أخو هشام بن المغيرة وبذلك يكون عم ابو جهل عمرو بن هشام وهو أيضا أبو خالد بن
الوليد.
التدقيق في ما كتبه المؤرخون والنسابة يظهر أن
حنتمة لم تكن من بني مخزوم , بل هي أمة مستلحقة تعمل عندهم وكانت عادة العرب أن
يستلحق السيد عبده أو أمته بعائلته فيحمل العبد اسم العائلة ولذلك صارت حنتمة من
بني مخزوم بالانتساب والعبودية. ودلائل ذلك كثيرة منها :
أولا:
عمر عمل خادما لعمارة بن الوليد المخزومي يطبخ له الطعام ويخدمه كما ذكر صاحب المنمق فيما تقدم ( المنمق
للبغدادي ص 130. شرح ابن أبي الحديد ج2
ص781) ولايستخدم السادة أولادهم كخدم بل يستخدمون الغرباء وأولاد العبيد والاماء ,
فلو كانت حنتمة أم عمر من بنات هشام أو هاشم المخزومي كما يقولون فأنها تكون ابنة
عم الوليد بن المغيرة المخزومي فكيف يعمل ابنها
عمر أجيراً وعسيفاً عند عمارة بن الوليد المخزومي ؟
ثانيا:كان عمارة الوليد المخزومي من أجمل رجالات قريش وكذلك
كان إغلب بنو مخزوم ,وأولى صفات الجمال عند العرب هي البياض, فلاتجد وصفا لجميل أو
جميلة الا ويبتدئ بالثناء على بياض البشرة واحمرارها وحسنها ,لكن حنتمة أم عمر لم
تكن كذلك وهذا يرجح أنها ليست من بناتهم بل من العبيد المستلحقين بهم , روى
المسعودي
( وأم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو
بن مخزوم , وكانت سوداء) ( مروج الذهب ج2 ص313, باب خلافة عمر) , تأمل أن المؤرخ ينسبها
لبني مخزوم وهذا لايغير من الحقيقة شيئا , لأن العبيد والاماء كانوا يحملون أسماء
أسيادهم.
ثالثا: في عهد الخليفة الثالث عثمان خطب عمروبن العاص يوما
على منبر مسجد المدينة فذكر عمر بن الخطاب ساخراً: ( ثم ولي الأعسرالأحول ابن
حنتمة)( تاريخ اليعقوبي ج1 ص 176). تأمل أنه ذكر اسم أمه حنتمة أنقاصا له وذماً
وتذكيرا للناس بدنو مكانة بيت عمر في قريش, واعتادت العرب على تسمية الرجل بأسم
أمه اهانة , ولو
كانت حنتمة ابنة هاشم بن المغيرة المخزومي أو ابنة هشام المخزومي كما يقول البعض,
لما انتقص ابن العاص من عمر بن الخطاب وكناه بإسم أمه
حنتمة, فآل مخزوم من أغنى بيوت قريش , وهذا دليل على أنها ليست من بني مخزوم.
رابعا:
كان بين خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي وبين عمر حزازات كثيرة طوى عنها
المؤرخون كشحا لأنهم وضعوا الاثنين في شجرة الصحابة المقدسة التي استحدثها بنو
أمية, فلم يظهر كتبة التاريخ تلك العدواة لحجة
أن الرجلين صحابة وأخوة , لكن الحقائق غير ذلك وتظهر بجلاء بمقارنة النصوص . تبدو
العدواة بين عمر وبين خالد وكأنها بدأت
يوم مقتل مالك بن نويرة على يد خالد عندما قال له عمر (والله لارجمنك بالأحجار) (
راجع فصل السقيفة, باب حروب الردة), بينما الحقيقة أن العداوة وصلت ذروتها في ذلك اليوم وفيما بعده . وقد يكون سبب العداوة
هو ترفع خالد بن الوليد المخزومي على عمر لأن حنتمة أم عمر كان من رقيق آل مخزوم, فكان
خالد ينسب عمرا لأمه حنتمة إنقاصا له ولم ينسبه لأبيه الخطاب . وهذا دليل على كون
حنتمة لم تكن من بني مخزوم ,لأنها لو كانت كذلك لم يكن لخالد أن يعيره بها, وفيما
يلي بعض شواهد التاريخ على ذلك :
تقدم
في فصل السقيفة قصة مقتل مالك بن نويرة على يد خالد بن الوليد المخزومي وكان ذلك
في عهد الخليفة أبوبكر, وأصر عمر في تلك الحادثة على عقاب خالد بن الوليد وأتهمه
بالقتل والزنا لكن الخليفة الاول أجتمع بخالد وتحدث معه ثم عفا عنه واسدل ستارا
على الجريمة . بعد ذلك يخرج خالد من عند الخليفة الاول وكان عمر حينها منتظرا خارج الدار آملا عقوبة خالد, فيصيح
به خالد ساخراً ( هلم الي يا ابن شملة )( تاريخ الطبري ج4 ص 218 طبعة النت), فلو كانت حنتمة من بني مخزوم لما
سخر منها خالد وكناها بشملة, فخالد من بني
مخزوم ولايسخر العربي من نساء عشيرته , ويروى كذلك أن خالدا قال هلم الي يا ابن أم
شملة!
عندما
تولى عمرالخلافة تمكن من إذلال خالد بن الوليد فاستحوذ على ماله وعزله وجعله جنديا
في جيش أبي عبيدة الجراح , يروي الطبري (كان عمر كلما مر بخالد قال: يا خالد،
أخرج مال الله من تحت استك فقيل له : يا أمير المؤمنين، لو رددت على خالد ماله !
فقال: إنما أنا تاجر للمسلمين ، والله لا أرده عليه أبدا فكان عمر يرى أنه قد
اشتفى من خالد حين صنع به ذلك..).( تاريخ الطبري ج2 ص 213, طبعة الوراق على النت) , وقوله :
اخرج مال الله من تحت أستك يعني به أخرج مال الله من تحت مؤخرتك.
يقول
المؤرخون ان سبب تجريد خالد من منصبه ومن أمواله إنما كان معاقبة لخالد على مافعل
في أيام أبوبكر بقتله مالك بن نويرة وغيره. يبدوأن السبب ليس ذلك فقط ,فحادثة مقتل مالك بن نويرة كانت حجة من عمر
لأذلال خالد بن الوليد , فالعداء الطبقي
والاجتماعي كان قبل حادثة مالك بن نويرة, وتجد ذلك فيما يلي:
(وكان عمر سيء
الرأي في خالد، على إنه ابن خاله، لقول كان قاله في عمر) (تاريخ اليعقوبي ص 160, طبعة الوراق على
النت). ولم يهدأ لعمر بال حتى عزل خالد وصادر أمواله (فعلم بذلك خالداً،
فقال: رحم الله أبا بكر! لو كان حيا ما عزلني. وكتب عمر إلى أبي عبيدة: إن كذب
خالد نفسه فيما كان قاله عمله، وإلا فانزع عمامته وشاطره ماله. فشاور خالد أخته،
فقالت: والله ما أراد ابن حنتمة إلا أن تكذب نفسك، ثم ينزعك من عملك، فلا تفعلن.
فلم يكذب نفسه، فقام بلال فنزع عمامته وشاطره أبو عبيدة ماله، حتى نعله فأفرد
واحدة عن الأخرى)
(تاريخ اليعقوبي ص 160). تأمل أن أخت خالد بن الوليد تسمي عمرا بابن حنتمة كذلك
,ولايسمى الرجل غالبا بإسم أمه الا اذا كان هناك قدح في نسبه. روى الطبري :
( فلما استخلف عمر كان أول ما تكلم به عزله،
فقال: لا يلي لي عملا أبدا ؛ فكتب عمر إلى أبي عبيدة: إن خالدا أكذب نفسه فهو أمير
على ما هو عليه ؛ وإن هو لم يكذب نفسه فأنت الأمير على ما هو عليه ؛ ثم انزع
عمامته عن رأسه ، وقاسمه ماله نصفين. فلما ذكر أبو عبيدة ذلك لخالد، قال أنظرني
أستشر أختي في أمري، ففعل أبو عبيدة ؛ فدخل خالد على أخته فاطمة بنت الوليد -
وكانت عند الحارث بن هشام - فذكر لها ذلك ، فقالت: والله لا يحبك عمر أبدا، وما
يريد إلا أن تكذب نفسك ثم ينزعك. فقبل رأسها وقال: صدقت والله ! فتم على أمره،
وأبى أن يكذب نفسه.) ( تاريخ الطبري ج2 ص 213). من مراجعة هذه النصوص يتبين أن
خالدا بن الوليد كان قد قال شيئا وكان ألحاح عمر هو تنازل خالد عن أقواله, ولم
يذكر أصحاب النصوص ماهو الكلام الخطير الذي تفوه به خالد حتى أغضب عمر بن الخطاب !
إذن ليس هناك حنقا على خالد بسبب أفعاله أنما كان السبب الرئيسي لذلك هو قوله كلام
ما , ثم لماذا يستشير خالد أخته في ذلك ؟
السبب في استشارة أخته التي حثته على عدم التنازل على كلامه
هو سبب عائلي طبقي كما يبدو , فخالد لم يترك التشهير بعمر وبنسب عمر وبأمه حنتمة
التي سماها أم شملة سخرية , وهذا يرجح عدم إنتماء حنتمة لبني مخزوم فهي كانت أمة
سوداء من رقيقهم , ومنها ورث عمرا سواده
فيروى في صفاته:
(أما
عمر فكان أصلع، أعسر، أيسر، طوالاً، شديد الأدمة، أي شديد السمرة يضرب الى السواد
, شديد حمرة العينين .) (وكان أصلع ، أعسر ، أيسر ، طوالاً ، آدم شديد الأدمة .
هكذا وصفه جماعة) (تهذيب التهذيب ج7 ص 385 للعسقلاني). وقوله شديد الادمة يعني أنه
شديد السمرة .
(وكان
عمرطوالاً، أصلع،أقبل، شديدالأدمة، أعسريسرا،يعمل بيديه جميعاً ، ويصفر لحيته ،
وقيل يغيرها بالحناء والكتم)( تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 161)
وكان عمر يصرح أن سواده من أخواله (وقال عمر إن السمرة الشديدة جاءته من أخواله )( طبقات الصحابة ج2 ترجمة عمر , لابن سعد)
وكان عمر يصرح أن سواده من أخواله (وقال عمر إن السمرة الشديدة جاءته من أخواله )( طبقات الصحابة ج2 ترجمة عمر , لابن سعد)
أما صاحب الاستيعاب فيقول فيه ( وكان آدم
شديد الأدمة طوالا كث اللحية أصلع أعسر يسر يخضب بالحناء والكتم وقال أنس كان أبو
بكر يخضب بالحناء والكتم وكان عمر يخضب بالحناء بحتا قال أبو عمر الأكثر أنهما كانا
يخضبان وقد روى عن مجاهد إن صح أن عمر بن الخطاب كان لا يغير شيبته هكذا ذكره زر
بن حبيش وغيره بأنه كان آدم شديد الأدمة وهو الأكثر عند أهل العلم بأيام الناس
وسيرهم وأخبارهم ووصفه أبو رجاء العطاردى وكان مغفلا فقال كان عمر بن الخطاب طويلا
جسيما أصلع شديد الصلع أبيض شديد حمرة العينين فى عارضه خفة سبلته كثيرة الشعر فى
أطرافها صهبة قد ذكر الواقدى من حديث عاصم بن عبيد الله عن سالم بن عبد الله بن
عمر عن أبيه قال إنما جاءتنا الأدمة من قبل أخوالى بنى مظعون)( الاستيعاب ج2,
ترجمة عمر .لابن عبد البر)
صاحب الاستيعاب أعلاه يقحم رأياً يقول ان عمرا كان أبيض البشرة, ثم لاينكر أن قائل ذلك هو أبو رجاء العطاردي وهو
من المغفلين كما يصفه, فعلام اقحم هذا الوصف وكتبه عن مغفل ؟ ربما للأمانة
التاريخية في النقل, وربما أقحم ذلك حتى يروي الناس من بعده أن عمرا أبيض اللون ,
وهو ما تحقق في بعض المصادر المعاصرة , فقد ترك المبيضون لصفحات التاريخ جميع
المراجع التي تقول بسواد عمر وأعترافه بذلك وقالوا انه أبيض اللون وفقا لترجمة ابن
عبد البر أعلاه الذي اعترف أنه نقلها عن مغفل ,
فتأمل
إن التحوير في كتب التاريخ يبدو جليا كذلك في صفة آخرى لعمر
, فقد تقدم وصف عمرو بن العاص لعمر عندما خطب يوما في عهد عثمان قائلا : ( ثم ولي
الأعسر الأحول ابن حنتمة)( تاريخ اليعقوبي ج1 ص 176) فقد كان عمر أحولا في عينيه
وأدرجه صاحب المنمق في باب الحولان فعد حولان قريش كما يلي : (عمر بن الخطاب وأبو لهب بن عبد المطلب وأبو جهل بن هشام وزياد
بن أبيه وهشام بن عبد الملك بن مروان وأبان بن عثمان بن عفان وأبو حذيفة بن عتبة
بن ربيعة بن عبد شمس ...الخ.)( المنمق للبغدادي ,باب حولان قريش, وكذلك في كتابه
المحبر ص 303 ).
من اليسير على المصحفين والمحرفين تحوير كلمة (
أحول) الى (أحور) , ومعنى أحور أنه شديد بياض العين شديد سوادها وهي من صفات الجمال ومثلها وصف نساء الجنة
بالحور العين , فقلبوا المعنى من أحول الى احور كما ذكر العسقلاني الذي جاء بعد
خمسمائة سنة من وفاة البغدادي صاحب المنمق, فقد ذكر العسقلاني في صفة عمر:
(كان رجلاً
طوالاً أصلع أعسر أيسر أحور العينين ، آدم اللون ، وقيل كان أبيض شديد
البياض تعلوه حمرة ، أشنب الأسنان، وكان يصفر لحيته، ويرجل رأسه بالحناء
.)( تهذيب التهذيب ج 7 ص 385 , للعسقلاني المتوفى 852 هجرية) تأمل التحوير من أحول
ألى أحور العينين وتأمل كيف يذكر أنه ( آدم اللون) ثم يقول قيل كان أبيض,
فياللعجب. والعجيب أن العسقلاني ذكر في
موضع آخر فقال في عمر (شديد الأدمة، أي
شديد السمرة يضرب الى السواد) (تهذيب التهذيب ج7 ص 385 للعسقلاني), ثم
يقحم فيقول( قيل كان أبيض شديد البياض
تعلوه حمرة)! ولم يذكر من قال أنه ابيض
شديد البياض فبنى الفعل على المجهول وذلك اذكى في التلفيق من صاحب كتاب الاستيعاب
الذي قال أن الرواية عن طريق مغفل. هذه الاقحامات والتحويرات في الصفات تأتي من
تقديس الامة لذوي المناصب, فلا يستطيع العربي الذي يعشق البياض ويحب صباحة الوجه تصورأن
الخليفة الثاني عمر كان شديد السواد احول
العينين, فبيض كتبة التاريخ ذلك وخففوا من قباحة الصفات. ليس العيب في الرجل أن يكون أسود اللون أو أحمره
أو احول العين ,ولا يذكر ذلك ذلك انقاصا ,
لكن العيب هو في الكذب والتدليس وطمس الحقائق عن جماهير الناس. إن سواد عمر لم يأته
من أمه حنتمة فقط بل من جدته الحبشية أيضا, تلك التي كان يُعير بها عمر أحياناً
ليس لسواد لونها ولكن بالاضافة لذلك لسمعتها الوضيعة في قريش! وتقدم في فصل
السقيفة قول قيس بن سعد لعمر :
(
فوثب قيس بن سعد وأخذ بلحية عمر وقال له :
يابن صهاك الجبان
في الحرب والليث في الملأ والأمن ! لو حرّكت منه ( يقصد أباه سعداً ) شعرة ما
رجعتَ وفي فيك واضحة.)( تاريخ الطبري ج2 أحداث السقيفة) . فمن هي صهاك هذه؟
صهاك أمة حبشية كانت لهاشم بن عبد مناف , اشتهرت
صهاك بعلاقاتها السفاحية المتعددة , فيها
روى النسابة الكلبي : (كانت صهاك أمَة حبشية لهاشم بن عبد مناف، فوقع عليها فجاءت
بنضلة بن هاشم.ثم وقع عليها عبد العزى بن رباح، فجاءت بنفيل جد عمر بن الخطاب، ثم
وقع عليها ربيعة بن الحرث بن حبيب بن حذيمة فجاءت بعمرو بن ربيعة) ( مثالب العرب ص 39 لهشام
الكلبي ). وذكر البغدادي: (أبناء الحبشيات من قريش نضلة بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أمه صهاك،
ونفيل بن عبد العزى العدوي أمه صهاك أيضا،
وعمرو بن ربيعة بن حبيب من بني عامر بن لؤي أمه أيضا صهاك ) ( المنمق في أخبار
قريش للبغدادي , ج1 باب أبناء الحبشيات). فتكون صهاك بذلك أم نفيل جد الخطاب. ويروي المؤرخ
ابن اسحاق : (وذلك
أنه كان ابن نضلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه، وكان عمرو بن ربيعة ونضلة أخوين لأم) ( السيرة لابن
اسحاق, ج1 ص 75), تأمل أن ابن أسحاق يؤكد أن نضلة وربيعة أخوين لأم واحدة من أبوين
وهو ماقاله الكلبي والبغدادي, لكن أبن اسحاق لايذكر اسم الام وربما ذلك تستراً عن
ذكر اسم صهاك جدة الخليفة عمر بن الخطاب .
وقال الكلبي ( عن ابن عباس قال ثابت بن قيس بن شماس
الأنصاري لعمر بن الخطّاب يا بن السوداء, فأنزل الله تعالى ( يا أيها
الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ..( الحجرات
11) ( مثالب العرب للكلبي).
وقال الكلبي في
أم الخطاب ( وأم الخطاب بن نفيل حبشية يقال لها حنتمة أمَة لجابر بن حبيب
الفهمي، وهم ينسبونها أنها ابنته) ( مثالب العرب ص 40) . الكلبي لايقول بأن حنتمة من بني مخزوم بل ينسبها
الى جابر الفهمي ويقول أنها أمة مستلحقة, وهذا ترجيح آخر على أن حنتمة لم تكن أبدا
من بيت آل مخزوم القرشي. ثم تأمل قوله ( وهم ينسبون أنها ابنته) ويعني بذلك أن
حنتمة كانت ابنة للخطاب ثم لما كبرت تزوجها الخطاب فولدت له عمرا فيكون بذلك
الخطاب أبا لعمر وكذلك أخا له لأنهما من أم واحدة هي حنتمة.
وربما لذلك أسقط المؤرخ ابن شبة في كتابه كلمة الخطاب من
نسب عمر فقال (عمر
بن نفيل بن عبد العزى بن رِيَاح بن عبد الله بن قُرْط بن رزاح بن عدي بن كعب) (تاريخ المدينة لابن شبة, باب
عمر ), وقد تقدم ذكر النص فيما سبق . فعمر يكون وفقا لذلك ابنا للخطاب وأخا في
نفس واحد لأن كلاهما من أم واحدة وهي حنتمة. قد يصاب القارئ بالدوار نتيجة هذه
التداخلات في الانساب ولكن غاية القول هو عدم وضوح نسب الخليفة عمر في كتب
الجمهور, وكمثال آخر على تداخل الانساب والعلاقات غير الشرعية في عائلة عمر بن
الخطاب يروي ابن كثير الدمشقي في تاريخه :
(زيد بن عمرو بن نفيل هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى
بن رياح بن عبد الله بن قرظ بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي. وكان
الخطاب والد عمر بن الخطاب عمه وأخاه لامه وذلك لان عمرو بن نفيل كان قد خلف على
امرأة أبيه بعد أبيه، وكان لها من نفيل أخوه الخطاب, قاله الزبير بن بكار ومحمد بن
إسحاق.) ( البداية والنهاية ج4 ص 56 لابن كثير), وهذا يعني أن عمرو بن نفيل تزوج
زوجة أبيه من بعده , فليس بعيدا أن تكون حنتمة أبنة الخطاب فلما شبت وكبرت تزوجها
الخطاب فجاءت بعمر وهو استنتاج يقول به
بعض المؤرخين كالكلبي وغيره
وقعت مشادة بين عمرو
بن العاص وبين عمر بن الخطاب يوما ,وفيها عَيَّر ابن العاص عمرا بكلام فاحش لنقرأ
الرواية:
(
قال عمر: كم سرت؟ فقال عمرو بن العاص: عشرين. فقال عمر: لقد سرت سير عاشق؟! فقال
عمرو: إني والله ما تأبطتني الإماء، ولا حملتني البغايا في غبرات المآلي. فقال
عمر: والله ما هذا بجواب الكلام الذي سألتك عنه، وان الدجاجة لتفحص في الرماد،
فتضع لغير الفحل، وإنما تنسب البيضة إلى طرقها فقام عمرو مربد الوجه) .(شرح نهج
البلاغة لابن أبي الحديد ج3 ص 103) قال
شارح نهج البلاغة معلقا على هذه الرواية : سألت النقيب أبا جعفر عن هذا الحديث في
عمر، فقال: إن عمرو بن العاص فخر على عمر لأن أم الخطاب زنجية، وتعرف بباطحلي
تسمى: صهاك, فقلت له: وأم عمرو النابغة أمة من سبايا العرب. فقال: أمة عربية من
عنزة سبيت في بعض الغارات، فليس يلحقها من النقص عندهم، ما يلحق الإماء الزنجيات)
( الرواية عن كتاب نظريات الخليفتين ج1 للعلامة
الطائي, و عن شرح ابن أبي الحديد ج3 ص 103, تهذيب اللغة ج8 ص
122، تاج العروس للزبيدي ج3 ص 188 ,النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج3 ص 338), (وذكر الرواية ابن منظور
صاحب لسان العرب في شرحه لكلمة طرق)
إذن
صهاك وفق هذه الرواية هي أم الخطاب, لكن ما تقدم من قول الكلبي والبغدادي
يجعل صهاك أم نفيل أبو الخطاب , فكيف تكون أم الخطاب ؟ هناك
من يقول أن صهاك هي أم نفيل جد عمر وهي كذلك أم الخطاب أبوعمر ولايتم ذلك ألا أذا
واقعها ابنها نفيل فولدت له الخطاب فيكون بذلك الخطاب ونفيل من صهاك !
قال
ابن الاثير :(ومنه حديث عمرو بن
العاص أنه قال لعمر إني والله ما تأبطتني الإماء أي لم يحضنني ويتولين تربيتي)( النهاية في غريب الحديث ج1 ص
15 لابن الاثير) فعمرو بن العاص يعيب على عمر أنه ولد من الاماء وحملته البغايا
وتأمل كيف أن عمر لاينكر ذلك, ويضرب ببيضة الدجاجة مثلا على ذلك, فهو يقر بأن
المهم هو الانتساب للأب ولايهم من تكون الام! وسيأتي في فصل (أعداء النبي) أن عمرو
بن العاص ولد من بغي صاحبة راية ومع
ذلك كان يفخر على عمر , فتأمل.
من مقارنة الروايات
اعلاه يتبين أن الخليفة الثاني كان ممن يُقدح في نسبه لعلاقات متعددة غير شرعية في
عشيرته, وكانت تلك الحقيقة معروفة آنذاك فعيره الناس بأمه حنتمة وجدته صهاك ومنهم
خالد بن الوليد الذي تقدم في كلامه الذي لم يذكر فحواه المؤرخون. بعد رحيل عمر ظل
البعض يسميه بأبن حنتمة فهذا معاوية بن أبي سفيان يذكر عمر يوما فيقول: (رحم الله
أبا بكر!لم يرد الدنيا ولم ترده الدنيا ، وأما عمر - أو قال: ابن حنتمة - فأرادته
الدنيا ولم يردها) (تاريخ الطبري ج3 ص 226, احداث سنة 60).
لمزيد من قراءة راجع
http://marwan1433.blogspot.ca/2013/07/5.html
وكان الخطاب والد عمر : لأنه أولد حنتمة إياه حيث تزوجها وحده لأنه سافح صهاك قبل ، فأولدها حنتمة ،
ReplyDeleteوكانت حنتمة : أم عمر وبنت الخطاب
فكان الخطاب جده وخاله : لأن حنتمة والخطاب من أم واحدة وهي صهاك
وكانت حنتمة : أمه لأنها ولدته ، واخته لأن عمر وحنتمة من أب واحد وهو الخطاب ، وعمته لأن حنتمة والخطاب من أم واحدة وهي صهاك .
كما أن الإمام الصادق عليه السلام يشير بذلك في ابيات شعريه :
من جده خاله ووالده
وأمه أخته وعمته
اجدر أن يبغض الوصي وأن
ينكر يوم الغدير وبيعته