بنات
النبي وعثمان
لقد
سعى الامويون بكل ما استطاعوا في تحسين صورة عثمان بن عفان الاموي ومن ضمن تلك
التحسينات هو حصول عثمان على لقب ذو النورين لأنه متزوج من أثنتين من بنات النبي
كما يزعم بعض المؤرخين , لنرى صدق هذه الدعوة!
يقول
المؤرخون أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان بن أبي العاص الاموي كان قد تزوج
باثنتين من بنات النبي محمد (ص)! الاولى هي رقية والثانية هي أم كلثوم, وإن كانت
الروايات التي تذكر زواجه من بنات النبي مضطربة اضطرابا عجيبا في تواريخها وأسماء
شخوصها, وهناك من يقول بعدم زواج عثمان من بنات محمد (ص) , حيث تثبت بعض الدراسات
أن اللتين تزوجهما عثمان كانتا ربيبتا الرسول محمد (ص) أي بنات نشأن في بيت
الرسول, والعرب تطلق اسم البنت على الربيية وكذلك على الولد بالتبني. وترجح بعض
الدراسات أن بنات محمد ماعدا فاطمة هن لسن بناته وانما هن ربيبات زوجته خديجة بنت
خويلد , فهن في الحقيقة بنات زوج أخت خديجة ,واخت خديجة اسمها هالة بنت خويلد ,
وقد مات زوج هالة فنشأن البنات في بيت هالة و في كنف خديجة حتى تزوجها الرسول وصرن
ربيبات النبي محمد(ص) , وسيأتي ذكر تفصيل هذا في نهاية المقال. وسنسلم جدلا بزواج
عثمان بن عفان من بنات النبي (ص) لنرى هل له في ذلك شرفا كما يقول مادحوه؟ سمي عثمان بذي النورين لانه تزوج باثنتين من
بنات النبي كما قيل, ولاندري لماذا لم يسمى علي بن أبي طالب ذو النور !فزوجة علي
هي فاطمة سيدة نساء العالمين باتفاق كل الفرق, وليس كذلك فهي انجبت سيدا شباب اهل الجنة باتفاق الفرق ايضاً ولم
يكن لعثمان أولاد من رقية أو من أم كلثوم, فلماذا نال عثمان اللقب وحُرم منه علي
بن أبي طالب ؟ أن لقب ذو النورين هو لتبيض صفحة عثمان بن عفان ولقارئ التاريخ أن
يرى ما كان في عهد عثمان وماصار من بعده من فتن وحروب كان هو سببا من أسبابها,
لذلك صار اللقب حصانة له ضد النقد واللوم. مر بنا في باب (عثمان يأوي الجاسوس
القرشي) التباس المؤرخين بين رقية وبين أم كلثوم وتبين أن أقرب الحلول لتجنب
التناقض في الكتابات التاريخية هو التسليم بأن عثمان تزوج من رقية ثم تزوج من
بعدها بأختها زينب أرملة أبي العاص, ولم يكن هناك شخصية لسيدة أسمها أم كلثوم ,
فأم كلثوم أختراع أموي لرفع مكانة عثمان عند الناس فاخترع المدلسون للنبي فتاة سمَّوها أم كلثوم وجعلوها عذراء
تزوجت في الجاهلية ولكن لم يدخل بها زوجها فظلت عذراء بلا زوج في بيئة العرب
تلك,وكأن المجتمع خلا من رجل طامع في شرف الصهورة مع النبي فأحجم المسلمون عن
التقدم الى أبنة خاتم الانبياء فبقيت المسكينة أم كلثوم تعاني العنوسة والوحدة على
الرغم من شبابها وجمالها وشرف عائلتها, ثم
يطرق السعد بابها بعد وفاة أختها رقية,
فيتزوجها الشيخ عثمان بن عفان. إن قصة زواج أم كلثوم من عثمان وانتظارها خمسة عشر
عاماً لذلك قصة لاوقع لها عند كل ذي لب , لكن المؤرخين كتبوها ووقعوا في تناقضات
كثيرة بين شخصية أم كلثوم الخيالية وبين رقية وبين زينب ومر بنا شئ من ذلك في باب
( عثمان يأوي الجاسوس القرشي).
قبل الخوض في هذا الموضوع لابد لنا من تذكر أن
الزواج لايدل على مكانة الزوج أو الزوجة ولايرفع من شأن أحدهما إن كان الاخر شريف
المنشأ وبالعكس كذلك , فزوجة الطاغية فرعون مصر هي أسية بنت مزاحم وهي التي جعلها
الله من سيدات نساء العالمين , كانت مؤمنة
لكن زوجها الظالم فرعون كان كافرا, فلم يكن الزواج من فرعون نقيصة لها ولم
ينال فرعون رحمة بأقترانه بها فمات كافرا مخلدا في النار, وبشرها الله تعالى
بالجنة. وكذلك يذكرنا القران الكريم بالنبي لوط الذي كان متزوجا بكافرة لم يفرقهما
الا الموت , فلم تتشرف زوجة لوط الكافرة بزواجها من نبي الله وكذلك لم يكن للنبي
لوط عار في زواجه منها. وكذلك نقرأ في القران عن النبي نوح وزوجته الكافرة وابنه
الكافر, فلما ينالا رحمة الله بقرابتهما من نبي الله نوح وكذلك لم تكن منقصة للنبي
نوح أن يقترن بأمرأة كافرة. ومثل هذا كثير قد حصل لأنبياء الله كلهم , فليس هناك
أية رفعة لعثمان بزواجه من بنت الرسول محمد(ص) , فهو لم يتشرف بكلام للنبي محمد
بشأن زواجه كما تشرف الامام علي بن أبي طالب بزواجه من ابنة النبي , حيث يقول
النبي (ص) عندما أعلن زواج علي بن أبي طالب بفاطمة قولته المشهورة : ( زوجت خير
النساء لخير الرجال , زوجت فاطمة لعلي) ومسند الحديث أشهر من أن تكتب مصادره
ومراجعه. وكذلك يبين النبي (ص) في موقف أخر أن زواج فاطمة من علي لم يكن الا بأمر
الله تعالى , فقد أمره الملاك جبرائيل بهذا الزواج المقدس الذي أثمر عترة ال
الرسول والدوحة المحمدية حيث يقول ( إنّما أنا بشر مثلكم أتزوّج فيكم وأزوّجكم
إلاّ فاطمة فإنّه نزل تزويجها من السماء ) (النص عن كتاب مقتل الحسين
للخوارزمي الحنفي, باب فضل فاطمة) , فلا تجد مثل هذا في زواج عثمان من بنت الرسول.
ولكن الدعاية الاموية طبلت لهذا الامر حتى حسب عوام الناس أن في ذلك شرفا وفضلا,
وتولدت نتيجة لذلك نظرية شرف الزواج عند كتبة التاريخ والمحققين, ووفقا لهذه النظرية التي تخالف نصوص القرآن,
تشرفت عائشة بزواجها من النبي محمد(ص)
وتشرف أبوها أبوبكر كذلك وكل عائلتها, وتشرفت حفصة بنت عمربن الخطاب بزواجها من
النبي (ص) وتشرف أبوها كذلك , ونال القوم حصانة ضد كل نقد وتجريح بعقد الزواج.
لقد نزل قرانا في زوجتي الرسول عائشة وحفصة كما في سورة التحريم : ( أن
تتوبا فقد صغت قلوبكما وأن تظاهرا عليه فأن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين
والملائكة بعد ذلك ظهير) ( سورةالتحريم4),
لاحظ ان الاية بصيغة المثنى فهي تعني عائشة وحفصة وتحمل الاية تهديدا مخيفا
مرعبا, مبينة أن الزواج من النبي لايبيض من صفحة الزوجة ,إنما يبيض صفحتها عملها
وتقواها وصالح أمرها, وهي الامور التي تثقل ميزانها يوم الحساب .ثم تضرب الاية
مثلا اخر في نهاية السورة يتعلق بالاية رقم 4, فتقول الاية الكريمة ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة
لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا
النار مع الداخلين) (التحريم 10). فزوجة النبي نوح وزوجة النبي لوط من أهل النار ولم
تتشرفا بالرحمة والمغفرة في الدنيا والاخرة بشرف زواجهما من نبيين, وتضرب
الاية مثلا اخرا يخص امرأة فرعون المؤمنة
التي كانت متزوجة من فرعون الكافر( وضرب الله مثلا للذين امنوا امرأة فرعون اذ
قالت ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ) (التحريم 11), فعلام يظن
الناس أن عثمان من المعصومين المحصنين بزواجه من بنات محمد؟ ولمن أراد تفصيل سورة
التحريم فليراجعها في كتب التفسير.
إن
عوام الناس لاتعينهم التفاصيل ولا مداخلات الامور لأنهم يهتمون بالظاهر وهو مانراه
في حياتنا اليومية, فما أسهل خداع الجماهير بدعاية براقة جذابة يصنعها الحكام
الظلمة , ولايكشف الناس خطأ أفكارهم الا بعد مرور الزمن وبعد تمحيص تلك الخدع من
قبل الحكماء والمحققين , وللاسف لن يغير ذلك من الواقع شيئا فالناس تميل نحو
التبسيط وظواهر الأمور. ولذلك كان لأمر زواج عثمان من بنات الرسول تأثيرا بالغا في
عقول المتعصبين وانصاف المتعلمين. فهذا القران يذكرهم في سورة التحريم بذلك ويبين
لهم مفهوما قرانيا فيه أن الاقتران الزوجي لايرفع ولايحط من شأن الزوجين , لكن
القوم لايأبهوا. فصار لقب ذو النورين لعثمان حصانة تقيه الحساب واللوم وربح
الامويون بذلك, وانطلت الخدعة على بسطاء الناس . وكما نجح معاوية بن أبي سفيان الاموي في عهده بتحويل
قبر عثمان بن عفان من مقبرة اليهود (حش كوكب) حيث أضاف تلك المساحة من المقبرة الى
مقابر المسلمين ومحا سبب مقتله من ذاكرة
الجماهير , ثم سمى وعاظ السلاطين ما حدث بالفتنة وغلفوها بالتعقيدات حتى يمتنع
الناس عن الخوض فيها , كذلك ذكّر معاوية وبنو أمية الناس بشرف زواج عثمان من بنات النبي واخترعوا
له لقب ذو النورين.
من
المفيد ذكر عدم حصول زواج عثمان من بنات النبي
حقا , حيث يرجح المحققون أن عثمان كان قد تزوج بربيبات النبي ولسن
ببناته .
في البداية لاتجد نصوص التاريخ تظهر فضل عثمان
بتزوجه بنات النبي ولو كان ذلك لصرح هو بذلك قبل مقتله أثناء حصاره وهو يخاطب
الثوار , ولفعل كذلك مناصروه الذين كانوا في بيته وحول بيته اثناء جدالهم في
أفضلية عثمان وتقواه, كأن يقولوا للناس الله الله في ختن الرسول ! فلم تجد أحدهم
ذكر ذلك في دفاعه عن عثمان مما يدل على أن لقب ذو النورين ظهر بعد ذلك أثناء حكم
بني امية . ولاتوجد رواية واحدة تذكر أن النبي قد سماه بصهره بينما هناك احاديث
مسندة يخاطب فيها النبي علي بن أبي طالب ويسميه بالصهر لأن عليا هو زوج فاطمة ابنة
النبي (ص), فلماذا لم توجد رواية تؤكد علاقة الصهورة بين عثمان والنبي (ص)؟ السبب كما يقول المحققون أن عثمان لم يكن صهرا
للنبي وقد يكون اكتسب لقب الصهر لكونه تزوج من ربيبات النبي ولسن من بناته! كما أن
هناك احاديث كثيرة يخاطب فيها النبي محمد (ص) ابنته فاطمة ويذكرها بالاسم ولاتجد
حديثا يتحدث أو يذكر بنات النبي الاخريات اللاتي ذكرهن المؤرخين وهن زينب ورقية
وأم كلثوم. فمثلا يذكر شارح صحيح البخاري : (حدثنا أبو اليمان اخبرنا شعيب عن
الزهري قال اخبرني سعيد بن المسيب وابو سلمة بن عبد الرحمن أن ابا هريرة قال : قام
رسول الله حين انزل الله عزوجل ( وانذر عشيرتك الاقربين) قال يامعشر قريش اشتروا
انفسكم لا اغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا اغني عنكم من الله شيئا
ياعباس بن عبد المطلب لا اغني عنك من الله شيئا ويا صفية عمة رسول الله لا اغني
عنكم من الله شيئا ويافاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا اغني عنك من الله
شيئا.)( انتهى الحديث ) ومثل هذا الحديث بنصوص مختلفة ومعنى واحد مع ذكر اسم فاطمة
بالاسم ذكره مسلم في صحيحه باب الايمان, احمد بن حنبل في مسنده الجزء الثاني,
الدارمي في سننه باب الرقاق. والسؤال هنا لماذا يذكر النبي فاطمة فقط؟ حتى ولو
كانت احب البنات اليه فأن هذا ليس دليلا على اهمال ذكر الاخريات من بناته فهن ثلاث
غير فاطمة كما يقولون فما المانع من ذكر اسمائهن؟ والنبي عادل رحيم لايفرق بين
احدا من الناس فلماذا اهمل باقي البنات وذكر فاطمة فقط. وهناك احاديث اخرى مثل
الحديث الذي يقول : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. فلماذا لايذكر النبي
اسماء باقي بناته؟ كأن يقول لو أن زينب بنت محمد سرقت لقطعت يدها علما أن زينب
ورقية أكبر في السن من فاطمة ؟ يقول المحققون إن هذا دليل على أن فاطمة هي الابنة
الوحيدة للنبي وهو رأي قابل للجدال ولم نأت به تحمساً لصحته ولكن أتينا به
للفائدة.
لنتأمل
صدق هذه الدعوى في بعض النصوص : كتب البخاري: (عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر يسأله
في أمر عثمان وعلي بعد الفتنة-ويعاتب ذلك الرجل ابن عمر على عدم دخوله في الطوائف
المتحاربة ثم يستأنف الرجل ويقول لابن عمر-: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر
الخطاب معللا حجته: أما عثمان فكان الله عفا عنه, وأما أنتم فكرهتم أن تعفو عنه,
وأما علي فابن عم رسول الله وختنه وأشار بيده وقال هذا بيته حيث ترون.) (صحيح
البخاري ج5 ص 157)
ابن عمر في الحديث أعلاه يدافع عن عثمان وعن علي في مشكلة الفتنة والقتال
الذي حصل بين المسلمين, وكان يعدد خصال عثمان الطيبة وخصال علي الطيبة لتبيان
حقيقة حجته في عدم نصرة أي منهما, وذكر فيما ذكر أن عليا بن أبي طالب كان ختن
الرسول والختن هو زوج البنت أي أن عليا هو زوج فاطمة بنت محمد وذلك شرف ورفعة نالها
علي بأن أصبح ختن الرسول محمد. فلماذا لم يقل ابن عمر أن عثمان ختن الرسول أيضا ؟
الحقيقة أنه لم يقل ذلك كما تروي هذه الرواية المسندة لانه لم يكن لعثمان ذلك
الشرف. هو حقا تزوج من رقية وبعد وفاتها تزوج أختها كما تروي الروايات, ولكن لماذا
لم يذكر ذلك ابن عمر ؟ السبب كما يقول بعض المحققين هو أن رقية وزينب والاخرى أم
كلثوم التي زعموا أنها من بناته أيضاً, لسن بنات النبي محمد !
إن
تضارب الروايات التاريخية في عمر السيدة خديجة زوجة النبي و أم بناته كما يقولون,
هو الذي أوجد المداخلات الكثيرة في نسب البنات. فعمر السيدة خديجة عند زواجها من
النبي ليس ثابتا, فهي حينا عذراء عمرها 28 سنة, وتارة أرملة كانت قد تزوجت مرتين
قبل اقترانها بالنبي حينا أخر. يقول أحد المؤرخين أنه كان لها ولد اسمه هند بينما
يرجح الاخر أن لها بنتا قبل زواجها من محمد واسم البنت هند ايضا! فيا للعجب. أما عند زواجها من النبي وهي في الاربعينات من
عمرها فانها تلد ستة مرات وهي حالة تدعو للتساؤل فلماذا تلد ستة مرات في كبرها
بينما لم تلد سوى مرة واحدة في كلتي زواجيها السابقين؟. وتذكر الروايات أنه كان قد
خطبها وجهاء مكة أكثر من مرة وكانت ترفض الزواج ولاندري لماذا يطمع اغنياء القوم
ووجهائهم في سيدة أرملة كانت قد تزوجت مرتين قبلا وعمرها قد تجاوز الاربعين؟ وهو
دليل يتخذه المحققون على أنها كانت صغيرة السن وغير أرملة ولهذا طلبها القوم , وهو
قول يجعلنا نقف في حيرى أمام النصوص ويرينا هذا تضارب الروايات واضطرابها. إن سبب
أصرار بعض المؤرخين على ان السيدة خديجة كانت أرملة عند زواجها من النبي محمد (ص)
لم يكن إلا أنقاصاَ وتشويها لشخصيتها , فلم يترك أعداء النبي من المسلمين المحرفين
بابا في تشويه النبي وآل بيته إلا وطرقوه ,
وهذا سبب من أسباب تضارب الروايات في عمر السيدة خديجة , فقد أراد خصوم
النبي (ص) أن يجلعوا زوجة النبي أرملة كبيرة السن . أن تقدم وجهاء مكة وأغنياءهم
للزواج من خديجة يبين أنها كانت سيدة عذراء لم تتزوج من قبل ويبين كذلك أنها كانت
صغيرة السن وليست أرملة على اعتاب الخمسين كما زعموا.
الجانب
الاخر من التضارب في الروايات التاريخية هو أن بنات النبي ولدن قبل بعثته , وكن
عند مبعثه صغيرات ولكن هناك روايات تقول أن زينب ورقية والثالثة أم كلثوم كن قد تزوجن بكفار, حيث تزوجت زينب من العاص بن
الربيع وتزوجت رقية عتبة بن أبو لهب وتزوجت أم كلثوم الصغيرة بعتيبة بن أبولهب,
وهذا يعني أنهن ولدن قبل بعثة النبي , وبحساب بسيط يتبين لنا أن البنات تزوجن قبل
البعثة ولأحداهن خمس سنوات وهي حقيقة لايقبلها المنطق .
يذكر المؤرخ المقدسي عن سعيد بن أبي عروة، عن
قتادة، قال: ولدت خديجة لمحمد (ص): عبد مناف في الجاهلية، وولدت له في الإسلام
غلامين، وأربع بنات:القاسم، وبه كان يكنى: أبا القاسم، فعاش حتى مشى، ثم مات، وعبد
الله، مات صغيراً. وأم كلثوم. وزينب. ورقية وفاطمة ( النص عن كتاب بنات النبي أم
ربائبه للعلامة مرتضى العاملي ونقله عن البدء والتاريخ للمؤرخ المقدسي ج 5 ص 16
وج4 ص 139.) وهذا دليل يختلف عما أوردنا, فهنا البنات ولدن في الاسلام وليس في
الجاهلية , فكم كان عمرهن حينما تزوجن ؟ وهناك من يقول أن خديجة تزوجت النبي قبل
البعثة بخمس سنوات ويعني هذا أن البنات كان عمرهن أقل من خمس سنوات حين تزوجن ,
فيا للعجب؟ ويقول المؤرخ المقدسي أيضا (فزّوج رسول الله رقية عثمان بن عفان، وهاجرت معه في الهجرتين
إلى الحبشة وأسقطت في الهجرة والأولى علقه في السفينة )( البدء والتاريخ: ج 5 ص 17 ,تهذيب تاريخ
دمشق: ج 1 ص 298 ) ويعلق المحقق مرتضى العاملي على هذه الحقيقة بقوله : ( كيف نصدق
هذا، ونحن نعلم أن الهجرة الأولى إلى الحبشة كانت بعد البعثة بخمس سنين، فكيف تكون
رقية قد تزوجت قبل البعثة بابن أبي لهب، ثم فارقها ليتزوجها عثمان، ثم تحمل منه
قبل الهجرة إلى الحبشة، وهي إنما ولدت بعد البعثة؟!) ( انتهى كلام السيد المحقق
مرتضى العاملي من كتابه بنات النبي أم ربائبه).
ووفقا لهذا يبدو أن رقية ولدت في الاسلام , والهجرة الى الحبشة كانت خمس
سنوات بعد البعثة أي أن عمر رقية كان خمس سنوات, فكيف لصبية عمرها خمس سنوات تتزوج
من ابن ابولهب ثم تطلق ثم يتزوجها عثمان وتحمل منه وتسقط حملها ( تجهض) في سفينة
الهجرة الى الحبشة وهي لم تتجاوز الخمس سنوات!!! ويزيد القصة اضطرابا أن رقية
توفيت في السنة الثانية للهجرة كما يروي ابن سعد في كتابه طبقات الصحابة فتأمل.
يقول بعض المؤرخين أنه بعد وفاة رقية يتزوج عثمان في السنة الثالثة للهجرة من
اختها أم كلثوم ولم تنجب لعثمان نسلا ثم تموت في السنة التاسعة للهجرة ( طبقات بن
سعد و البداية والنهاية لابن كثير) ,وقد مر بنا ذلك .
يكاد يتفق المؤرخون على أن الذين اسلموا في
بداية الدعوة هم خديجة وعلي بن أبي طالب
وهما كانا يعيشان في بيت النبي ولانجد ذكرا لبنات النبي!! ويتفق المؤرخون أن فاطمة لم تكن قد ولدت بعد ولهذا لم يذكر
اسلامها, فما بال المؤرخين لايذكرون باقي
بنات النبي واسلامهن وهن ولدن قبل فاطمة ولم يكن صغيرات أيام بعثة الرسول . أليس
ألاولى أن يقال أن الذين اسلموا أولا هم خديجة وبناتها وعلي بن أبي طالب, فعدم ذكر
اسلام البنات يرجح أنهن لسن بناته !
ذهب
العلامة مرتضى العاملي إلى أن زينب ورقية
وأم كلثوم لم يكن بنات النبي وإنما ربيباته,
وحقا تزوجت أثنتان منهم بعثمان , ويستأنف قائلا أنه كان لمحمد بنات من
خديجة توفين وهن صغيرات وكان لهن نفس أسماء الربيبات, فهناك زينب الربيبة التي
تزوجت من العاص بن الربيع وهناك زينب الصغيرة بنت محمد ماتت وهي صغيرة, وكذلك
الحال لرقية التي تزوجت من عتبة بن أبو لهب واخرى أسمها رقية أيضا هي بنت محمد حقا
ولكن ماتت وهي صغيرة. وكذلك الحال بالنسبة لأم كلثوم.
ونقول إن بنات محمد (ص) التي توفين وهن صغيرات
حملن نفس أسماء الربيبات حبا لهن , ونشاهد مثل هذا كثيرا في واقعنا فمثلا يسمى
المولود على اسم عمه أو ابن اخيه حبا له وتسمى البنت بأسم عمتها أو ربيبتها كذلك. فتشابه الاسماء أدى الى التباس المؤرخين
في توضيح المسألة وفاتهم أن زينب بنت محمد هي ليست زينب التي تزوجت من العاص بن
الربيع , وفاتهم أيضا أن رقية التي تزوجت من عتبة بن أبو لهب هي غير رقية الصغيرة
بنت محمد التي ماتت وهي صغيرة وكذلك الحال بالنسبة لأم كلثوم , فتشابه الاسماء
اورد هذا الالتباس وزاد المسألة تعقيدا الاضطراب الزمني في الروايات. ونقول كذلك
أن فقدان النبي (ص) لأبناءه وهم صغار
حقيقة أجمع عليها المؤرخين فقد كان كفار قريش يسمون النبي (ص) بالأبتر لموت أطفاله
وهم صغار وأنزل في ذلك قرآن كما في سورة الكوثر, فليس غريباً أن يكون للنبي بنات
من خديجة أسمائهن زينب ورقية وأم كلثوم ولكنهن قضين وهن صغار , وكانت أسمائهن على
أسماء ربيبات النبي البالغات بنات زوج
هالة أخت خديجة, وأطلق النبي وخديجة أسماء
الربيبات البالغات على أسماء البنات الصغيرات تحبباً للربيبات.
إن تضارب الروايات أوجد منفذا لمن أراد الدس
والتدليس في التاريخ ,ولكن الادلة العقلية
تفضح تلك الالتباسات وتبينها.
ومهما قيل في هذا يبقى القول الاول والاخير
للقران الكريم الذي نقرأ فيه سورة كاملة
وهي سورة التحريم تبين للناس أن المصاهرة الزوجية لاترفع من شأن الرجل أو المرأة
ولاتنزل . فلقب ذو النورين الذين ألصقه الناس بعثمان لايشفع له فيما عمل واستحدث
من بدع ,فالنبي الكريم يبين في حديثه (ص) : لا اغني عنك من الله شيئا. والاعمال
بخواتيمها كما يقول في حديث اخر ,واذن فلقب ذو النورين لايرفع من شأن عثمان, ولن يبرأ الزواج عثمانا بما فعل بالناس
وبأموالهم وبما فعل بخيرة أصحاب محمد (ص). فلا شرف ولارفعة بالزواج, هذا إذا سلمنا
بأن عثمان تزوج حقا من بنات النبي (ص). أما إذا لم يتزوج كما يقول بعض المحققين
فالنتيجة عينها لم تتغير , ولن يمسح زواج عثمان عنه الخطايا والبلايا.
لمزيد من قراءة راجع الرابط
http://marwan1433.blogspot.ca/2013/07/6_26.html
No comments:
Post a Comment