Monday, October 6, 2014

صاحب الغار, ابوبكر وفضيلة الصحبة في الغار



فضيلة الصحبة في الغار
اشتهر القول بان أبابكر كان صاحب النبي (ص) في الغار يوم الهجرة من مكة الى المدينة, وجعل المؤرخون في ذلك فضلا كبيرا له في صحبته للنبي  حتى لُقب بصاحب الغار ! تقول الاية الكريمة :(الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمه الذين كفروا السفلى وكلمه الله هي العليا والله عزيز حكيم) (40 التوبة.)
الاية  تذكر هجرة النبي (ص) من مكة الى يثرب , وكانت هجرته سرية  بعيدا عن أعين مشركي قريش الذين طاردوه عندما علموا بخروجه  أملا في اغتياله , وتذكر الاية أن للنبي في تلك الهجرة صاحب . وذكر أغلب المفسرين والمؤرخين أن ذلك الصاحب هو الخليفة الاول ابوبكر,  وبذك حصل ابوبكر على فضيلة صحبة الرسول في الغار . إن أحتمال كون صاحب النبي في الغار رجل آخر غير أبي بكر أحتمال وارد وقد قال به قلة من المحققين, ولكن لنأخذ رأي الأكثرية الذي يقول أن أبابكر هو صاحب النبي (ص) في الغار , لنرى هل لتلك الصحبة فضيلة لأبي بكر كما اشتهر القول؟ نعود الى سورة التوبة أعلاه ومنها نقتبس فالاية تتحدث بصيغة المفرد (... الا تنصروه.... فقد نصره الله .....اخرجه الذين كفروا.....) فالنصر من الله كان للنبي وحده ولم يذكر ذلك لمن كان صاحبه  في الغار ! ثم  أن الذي حزن هو ابوبكر حيث خاف من المشركين الذين كانوا على وشك الدخول الى الغار ولكن الله تعالى أعمى ابصارهم وجعل عليها غشاوة, فالنبي يلطف من خوف أبي بكر بقوله ( لاتحزن إن الله معنا) وهي في الحقيقة تذكير لابي بكر الذي نسى العناية الالهية وغفل عن حقيقة النبوة فقول الرسول له ( لاتحزن ) هو قول يبين ضعف أيمان أبوبكر , فكيف بالمؤمن الصادق أن يخاف وهو مع خاتم الانبياء والرسل ومحروس بالملائكة,  لكن أبابكر خاف وحزن لضعف ايمانه وهي خصلة مذمومة له وليست بفضيلة.
 ثم تأتي السكينة التي أنزلها الله على رسوله وذكرها تعالى بصيغة المفرد ايضا, فالسكينة لم تنزل على أبي بكر وإلا لقال القران ان السكينة نزلت عليهما باستعمال صيغة المثنى, ولكن القران ذكر أن السكينة امتنعت من النزول على ابي بكر وهو ذم أخر لابي بكر وليس بفضيلة له في ذلك.  إن السكينة لاتنزل على الانبياء فقط ,وانما على المؤمنين أيضا  كما في الاية  التي تذكر غزوة حنين  ( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) ( التوبة26)
لماذا إذن  الآية الاولى (التوبة 40) اختصت السكينة برسول الله , وفي الثانية أعلاه ( التوبة26 ) نزلت على الرسول والمؤمنين ؟! تبين هذه المقارنة أن أبا بكر لو كان من المؤمنين الصادقين لنزلت عليه السكينة أيضاً في الغار ,  لكنها استثنته وخصت السكينة بالرسول فقط!
 إن السكينة من الله تعالي تنزل على كل عباده ماداموا من  المؤمنين ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) ( الفتح4), (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة علم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم) ( الفتح18), ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين..) ( الفتح26), لكن صاحب الغار حُرم من السكينة كما في آية التوبة40 , فهل كان أبوبكر من الجاحدين؟ وفقا لتفسير الايات يكون كذلك ! إن المدافعين عن أبي بكر يصرون أن آية السكينة في آية الغار (التوبة40) شملت أبا بكر أيضا , ولكن الهاء في
 ( في سكينته) جاءت بصيغة المفرد  فإذا كانت السكينة قد نزلت على أبي بكر دون النبي (ص) فهذا يعني أن أبا بكر هو الذي قد أيّده الله بجنود لم تروها لأن قوله: ( وأيده الله بجنود لم ترونها) معطوف على قوله (فأنزل الله سكينته عليه) ، وحيث أن هذا لايجوز فالافضلية للرسول المخاطب بالقران ؛ فيتعيّن المعنى الأول وهو أن السكينة قد نزلت على النبي وحده ولذلك جاءت بصيغة المفرد ويعني هذا أن أبا بكر قد حرم منه وحرمانه منها  ذم له ولا فضيلة له في ذلك .
يقول المدافعون عن أبي بكر أن صحبته للرسول في الغار مزية أخرى فبمجرد ذكر القران له وتسميته بالصاحب لهو فضيلة كبيرة له ! لكن الصحبة لا تعني الشرف والرفعة ولم تكن تعني ذلك ابدا, فقد تكون  الصحبة مؤقتة فى الطريق مثل صحبة  العبد الصالح  لموسى في سورة الكهف (قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني) (الكهف 76).
وقد تكون تلك الصحبة المؤقتة بين مسلم وكافر (فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا) ( الكهف 33)
وقد تكون تلك الصحبة المؤقتة بين نبى وكافر مثل يوسف مع صاحبيه فى السجن (ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) (يوسف39).
ويطلق القران على الحيوان صاحب أيضا كما في الاية من سورة القلم حيث يذكر النبي يونس ( ولاتكن كصاحب الحوت), فأي فضيلة للحوت في هذه الاية , أنه مجرد حيوان صاحب النبي يونس في المكان والزمان . وفي القران الكريم كثير من الامثلة على الصحبة ولايدل اي منها على مزية أو فضيلة . 
 واذن تبين الايات ان الصحبة هي الصحبة الزمانية والمكانية وليس لها علاقة بالايمان والكفر أو الانسانية , فتسمية القران لابي بكر بالصاحب في الاية 40 من سورة التوبة لايجعل له أية فضيلة.
ذكر البخاري أحاديث يتبين منها أن أبابكر هاجر لوحده قبل هجرة النبي الى المدينة ,وتلك الأحاديث أوقعت المحققين في مشكل تاريخي , فهم لايستطيعون رد الاحاديث لتواترها وقوة سندها ,ولايستطيعون كذلك قبول حقيقة أن أبابكر هاجر الى المدينة قبل هجرة النبي , لأن هذا سيعني أن ابابكر لم يكن في الغار مع النبي محمد (ص) وبذلك تزول عنه فضيلة الصحبة التي زعموها, لنقرأ ما ذكر البخاري :
( عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال لما قدم المهاجرون الأولون العصبة موضع بقباء قبل مقدم رسول الله كان يؤمهم سالم مولى أبى حذيفة وكان أكثرهم قرآنا) ( كتاب صحيح البخاري ج 1 ص 170 ,كتاب الاذان , باب اهل العلم والفضل احق بالامامة) .
 في موضع آخر يُعرف البخاري بعض الرجال الذين كانوا يصلون خلف سالم مولى أبي حذيفة آنذاك فيروي:
(حدثنا عثمان بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني ابن جريج ان نافعا أخبره ان ابن عمر رضي الله عنهما أخبره قال كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة) (صحيح البخاري ج 8  ص 115 كتاب الأحكام ,باب استقضاء الموالي واستعمالهم).
التأمل في الحديثين أعلاه يُرينا أن الرواي واحد وهو عبد الله بن عمر والحادثة واحدة وهي إمامة الصلاة قبل هجرة النبي الكريم (ص) الى المدينة , ونرى أن المسلمين الذين هاجروا قبل النبي كان يؤمهم في الصلاة شاب اسمه سالم مولى أبي حذيفة وهو رجل مجهول الأب سُمي على اسم مولاه أبي حذيفة , و كان أبوبكر أحد الذين يقتدون بصلاة سالم مولى أبي حذيفة في المدينة قبل وصول النبي الى المدينة . إن ذلك يبرهن  أن أبابكر هاجر إلى المدينة قبل الرسول محمد (ص), ويعني ذلك أنه لم يكن في الغار مع النبي (ص) وإذن فضيلة الصحبة في الغار ليست له! أحتار الفقهاء والمؤرخون في هذا النص وقال بعضهم ربما أن صلاة أبي بكر خلف سالم مولى حذيفة كانت بعد وصول النبي الى المدينة ويرد على ذلك بالقول: لماذا يؤم الناس سالم مولى أبي حذيفة والنبي حاضر في المدينة؟ ثم أن الرواية الاولى للبخاري هي نفسها الرواية الثانية على لسان نفس الناقل وعين الرواي وبينت أن المهاجرين كانوا يقتدون بسالم مولى أبي حذيفة قبل مقدم رسول الله , ثم تكمل الرواية في الشطر الثاني وتبين أن فيهم أبوبكر وعمر , فتأمل !
 للتخلص من هذا المشكل حذف بعض المؤرخين أسم أبابكر من الرواية وكما يلي : ( أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني أفلح بن سعيد عن أبي كعب القرظي قال كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر بن الخطاب قبل أن يقدم رسول الله )( الطبقات  لابن سعد ج3 ص 87) .
هذا التعديل والتصحيف للرواية لايفوت على المحقق وبالأخص في عصرنا لسهولة التوصل الى المصادر ومقارنتها . وقد أورد المحقق المعاصر نجاح الطائي قصة الهجرة والصحبة في الغار وقال أن الذي كان مع النبي في الغار لم يكن أبابكر بل هو رجل آخر مشهور بتقصي الآثر وعارف بطرق الصحراء إسمه ( بكر بن أريقط) , وبين المحقق الطائي أن تشابه الاسمين ( بكر , أبوبكر) ألبس الأمر على كتبة التاريخ فخلطوا بينهما وربما عن عمد لأضافة فضيلة الصحبة لأبي بكر ( راجع كتاب صاحب الغار أبوبكر أم  رجل آخر, للدكتور المحقق نجاح الطائي). وختاماً يمكن القول أن هذا لايهم في شئ, فقد تبين من تفسير الايات القرانية  ومقارنتها أن الصحبة في الغار ليست بمنقبة ذات شأن , وسواء أكان الخليفة أو غيره في الغار مع النبي (ص) يوم الهجرة فأن ذلك لن يرفع صاحب النبي في ذلك الغار الى مقام عال. أن رواية الصحبة في الغار تبين كيف أن المدافعين عن أبي بكر أخترعوا الاعاجيب في سبيل رفع مقامه, فمرة قالوا أنه يعرف والنبي شاب لايعرف , ومرة جعلوا كبر السن عن باقي الصحابة منقبة له لتأهيله للخلافة وكان رد أبيه أبو قحافة كافياً على سفسطاتهم كما تقدم , وهنا صنعوا فضيلة لأبي بكر بجعله في الغار مع النبي وتبين لنا تهافت ذلك.
إن منقبة صحبة النبي للغار ضخمها وعظمها المتحمسون لأبي بكر ليس حباً في أبي بكر فقط, بل طغيانا على فضيلة علي بن أبي طالب الذي بقى وحده في مكة ليواجه المشركين بعد هجرة النبي, لقد أسقط علي بن أبي طالب المشركين في فخ عندما نام في فراش النبي فظن القوم أن النائم في فراش النبي هو النبي نفسه فظلوا محاصرين البيت يحسبون أن النبي لم يزل في فراشه ,وكانوا قد أبرموا خطة لقتل النبي في بيته حيث أختاروا من كل قبيلة رجلاُ وعزموا على طعن النبي طعنة واحدة بسيوف الرجال حتى يتفرق دمه بين القبائل فلا تستطيع عشيرة النبي الأخذ بثاره ,وكانت خطة الاغتيال تلك سببا من أسباب هجرة النبي الى المدينة. كان النائم في فراش النبي تلك الليلة هو الامام علي بن ابي طالب منتظراً طعنات سيوف الرجال في جسده تضليلاً للمشركين عن النبي محمد ,فيالها من منقبة وياله من مجد. هذا الأمر ملأ الباغضين لعلي بن أبي طالب وللباغضين للنبي محمد (ص) حنقاً ,فأخترعوا منقبة صحبة ابي بكر للنبي في الغار ورددوها في كتبهم ومواعظهم أملاً منهم في التغطية على ماقام به الوصي علي بن أبي طالب , وقد تبين سخف حجتهم وبطلانها .

لمزيد من قراءة راجع
 http://marwan1433.blogspot.ca/2013/07/4.html

No comments:

Post a Comment