عندما تولى
ابوبكر الخلافة قام خطيبا فقال في احدى خطبه: ( أنا بشر فراعوني فإذا رأيتموني
استقمت فاتبعوني, وإن رأيتموني زغت فقوموني, واعلموا أن لي شيطانا يعتريني فإذا
رأيتموني غضبت فإجتنبوني) ( طبقات بن سعد ج3, الإمامه والسياسه للدينوري ص6 , تاريخ الطبري ج2 ص440 , كنز العمال ج3 ص1 36). ولم يذكر صفة ذلك الشيطان أهو من الجن أم من
الانس؟ فالاية الكريمة تقول ( شياطين الانس والجن يوحي بعضهم لبعض زخرف القول
غرورا)(الانعام 112) , ويُرجح أن ذكره للشيطان
كان تسويغاً للاخطاء التي سيقع
فيها ,حيث يبين في الخطبة انه كلما سيقترف جرما بحق العباد فأن الملام هو ذلك الشيطان الذي يعتريه , وهي حجة تبريرية
للافعال تبرئ ساحة مقترفها من كل فعل وتضع اللوم على الشيطان, وسرى هذا المفهوم
عند المسلمين بعد ذلك حتى صار كل جرم معلق برقبة الشيطان ليخرج المسلم بريئا من
سوء أفعاله ! إن أول انحراف بدا في عهد ابوبكر هي الخلافة نفسها في فوضويتها وكما
وصفها عمربن الخطاب بقوله: (أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن عاد
لمثلها فأقتلوه!)( راجع فصل السقيفة ). ثم
توالت احداث مثل حروب اليمن وحضرموت بقيادة زياد بن لبيد ,
ومقتل السيد الشريف مالك بن نويرة تلك القتلة الغادرة , وقبلها كان حرمان فاطمة
بنت محمد من ميراث أبيها (ص) لاضعافها ,
وكانت الحجة في حرمانها هي الحديث الذي رواه أبوبكر نفسه وبه عطّل الايات القرانية
التي بينت ميراث الناس وميراث الانبياء, ثم توفيت فاطمة ابنة النبي (ص) بظروف
جعلها المؤرخون غامضة, وقضت وهي غاضبة على ابي بكر لغمطه حقها في الوراثة وحق
بعلها علي بن أبي طالب في الخلافة نفسها. أن غموض موت السيدة فاطمة وهي في أتم
صحتها وشبابها وحرمانها من ميراثها جريمة كبيرة
في زمن خلافة ابوبكر القصير ذلك, حيث كان زمن خلافته اقل من ثلاث سنين. إن
منهج الرسالة السماوية لايقبل الجور ولايقبل الظلم ,ففي حديث لرسول هذا الدين (ص)
يروي أن العصفور المقتول تسلية في الصيد,
يأتي يوم القيامة
محتجا على الخالق
قائلا : سل هذا ( قاتله) فيما قتلني؟ فكيف
بقتل العباد بلاذنب ! لقد لوثت حادثة غمط حق فاطمة الشرعي وموتها المفاجئ وغيرها
كحروب ردة اليمن تاريخ هذا الدين بعد رحيل
النبي (ص), حتى أن الخليفة ندم ندما شديدا على فعلته بفاطمة الزهراء وندم على مقتل
مالك بن نويرة وعلى غيرها من افعال , فهو يقول في اواخر أيامه بخصوص الهجوم على
بيت فاطمة : ( فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا قد غلقوه على الحرب) (الطبري
في تاريخه ج4 ص 52، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1ج ص 18، والمسعودي في مروج
الذهب ج1ص 414، وابن عبد ربه في العقد الفريد ج2 ص 254 ). وقد أورد العلامة
الاميني في غديره نص ذلك نكتبه مع المصادر التي جمعها الاميني : قال الخليفة ( ليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله
وأدخله الرجال ، ولو كان أُغلق على حرب !) (تاريخ الاسلام للذهبي ج1ص117، العقد
الفريد ج4 ص298 ، الامامة والسياسة ج1ص18، سير الخلفاء الراشدين ص17، منتخب كنز العمال ( بهامش مسند أحمد )ج2 ص171
تاريخ اليعقوبي ج2ص137، ميزان الاعتدال ج3 ص109 ،
المعجم الكبير للطبراني ج1ص62 ، حياة الصحابة ج2 ص24 ، تاريخ ابن عساكر ) .
وفيما يلي جزء من
حديث ندم الخليفة كما في كتاب الكامل
للمبرد المتوفى 289 هجرية, قال أبوبكر : ( فأمّا الثلاث التي فعلتها ,وددت انّي لم
أكن كشفت عن بيت فاطمة وتركته ولو أغلق على حرب، ووددت انّي يوم سقيفة بني ساعدة
كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي عبيدة، فكان أميراً وكنت وزيراً،
ووددت انّي إذا أتيت بالفجاءة لم أكن أحرقته وكنت قتلته بالحديد أو أطلقته) . هذا
أعتراف صريح بتقصير , ويذكر البخاري في أكثر من موضع غضب فاطمة على ابي بكر, منها
قوله: (فغضبت فاطمة بنت رسول اللّه فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت)(
صحيح البخاري ج4 ص 42) وقد تقدم ذكر الحادثة في فصل السقيفة.
وفي تكملة نص
المبرد أعلاه يندم الخليفة على حرق الفجاءة بالنار , والفجاءة رجل تم حرقه حتى
الموت بأمر الخليفة وهي جريمة شنعاء في
دين الاسلام فالنبي الكريم يقول ( لايعذب بالنار الا رب النار ) لكن مافعله
الخليفة مر تحت ذريعة الاجتهاد .وكذلك يندم الخليفة على تسلمه للحكم ويتمنى أنه كان بمعزل عن تلك المسؤولية
الجسيمة فيكمل الخليفة متذكرا بعض ما حدث
في أيام حكمه: ( ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين
– يقصد عمربن الخطاب وأبا عبيدة الجراح - فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا...)
(تاريخ الطبري4 ص
52، الإمامة والسياسة 1 ص 18، مروج الذهب ج1 ص 414 , العقد الفريد لابن عبد ربه )
إن قول الخليفة (
وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين....) دليل ساطع على أن الرسول لم يعين أبا بكر
للخلافة كما يتحمس بعض الفقهاء والمتأولين, وأن قول الرسول على لسان عائشة ابنة
ابي بكر بأن يقوم أبوبكر بإمامة الصلاة كما تقدم في فصل( نظام الحكم, باب إمامة
الصلاة) لايعتبر حجة لمن يقول أن الرسول عين أبابكر لامامة الصلاة وللخلافة,
فالخليفة يندم قبل ساعة وفاته ويتمنى أن تعود به الايام ليخلع امارته ويعطيها لعمر
بن الخطاب أو لأبي عبيدة الجراح. فلو كانت خلافته بامر الرسول لما استجرأ على تمني
امنيته أمام الناس , فإذن خلافة ابي بكر هي حقا
كما وصفها عمر بقوله :( ان بيعة ابا بكر كانت فلتة وقى الله شرها ).
الخروج عن النص
إن أول مخالفة لأوامر النبي قام بها الخليفة
الاول كانت تخلفه عن سرية اسامة بن زيد التي
جهزها النبي قبل وفاته بأيام , وفيها جعل النبي (ص) أبابكر في السرية جندياً تحت
إمرة أسامة بن زيد , لكن أبابكر لم يخرج في تلك الغزوة ولم يخرج بعد وفاة النبي
وتعذر بحجة الخلافة. لقد صار تخلف الخليفة أبوبكر عن السرية هيناً بعد رحيل النبي,
فالنبي صار في عالم آخر , فلا عتاب ولا لعنات ولا ايات تنزل في الذين يخالفونه. ذكر
اليعقوبي في أن ابابكر تخلف عن سرية أسامة
بن زيد حتى بعد رحيل النبي (ص)لأنه صار خليفة , وطلب ابوبكر من أسامة أن يترك له
عمر بن الخطاب ليستعين به على أمره في
الخلافة والحكم ! فقال له أسامة بن زيد :
( فما تقول في نفسك؟ فقال ابوبكر: يا ابن أخي فعل الناس ما ترى فدع لي عمر وانفذ
بوجهك . فخرج أسامة في سريته )( تاريخ اليعقوبي ج2). لقد علم المسلمون جميعا أن سرية أسامة بن زيد
كانت أمرا من النبي لايقبل الرد ولايحق الاجتهاد فيه ولذلك تمت الحملة حتى بعد رحيل النبي . لكن
ابابكر وعمر تخلفا عن المسيرة ,ومن يدري ربما هناك غيرهما من تخلف أيضا, فالنبي
صار في عالم أخر, وهم لم يطيعوه عندما كان حيا بينهم , فكيف وهو غائب في عالم
الاخرة! يقول المبررون في تخلف ابوبكر وعمر عن سرية أسامة بن زيد , أن بقاء
الخليفة وصاحبه عمر في المدينة أسلم وأكثر
حفظا للدين! فمايقولون عندما كان النبي يخرج
بنفسه في الحروب والغزوات ؟ فهل كان عليه أن يبقى في قصره حفظا للدين ؟ إن النبي(ص) قبل وفاته بأيام أمر أبابكر بأن
يكون جنديا مأمورا عليه في جيش أسامة الشاب وهو تنبيه من النبي للمسلمين بأن
أبابكر رجل مأمور ولايصلح للقيادة, ولو كان ابوبكر يصلح للقيادة لما أمرَّ النبي
عليه الشاب أسامة بن زيد ابن الستة عشر
عاماً , فكيف لابي بكر أن يصبح الامر والناهي والخليفة بعد يوم واحد من رحيل
النبي؟ إن تأمير أسامة بن زيد على أبي بكر هو تذكير لكل من يقول أن ابابكر أحق
بالخلافة , لأن الجندي المأمور عليه لايمكن أن يكون امراً , وهذه حجة دامغة لابطال
خلافة ابوبكر. يُروى أن أسامة بن زيد تعجب
من نصب الخليفة نفسه خليفة على المسلمين فقال أسامة يوما (يا معشر المسلمين ، عجباً لرجل استعملني عليه رسول الله فتأمَّر عليَّ وعزلني!)( أعلام الورى للطبرسي
ج1 الصفحة 269 ) , فتأمل وزد عجبا.
لمزيد من قراءة راجع
http://marwan1433.blogspot.ca/2013/07/4.html
لوكان لسيدنا علي وصية بالخلافة لانفذها رغما عن الناس جميعا"لانها كانت (امر من الله ورسوله)والا لكان مرتدا لا يخاف الله وجباناً يخاف الناس..
ReplyDeleteخاتم الانبياء صلى الله عليه وآله عنده رسالة من السماء ومعه الملاك جبريل ولكن كان يبلغها بالسر والخفاء خوفا من بطش قريش فهل كان النبي جبانا ؟؟,
Deleteوهل كان جبانا بهربه سرا ليلا الى المدينة ؟